- معنى حدیث الغدیر
- مؤسسه بوستان كتاب
- مرتضی خسروشاهی
- عربی
- چاپ شده
- 022
- قم / اول
- 1429 ه. ق
- 1
معنى حدیث الغدیر
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِـیمِ
«وَإِنَّا أَوْ إِیَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِى ضَلاَلٍ مُّبِینٍ قُل لاَتُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَنُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ قُلْ یَجْمَعُ بَیْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ یَفْتَحُ بَیْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِیمُ»[1]
مقدّمة المركز
بسم اللّه الرحمن الرحیم
لو اتّفق أن جرت المقارنة بین ما تضمّه المكتبة الشیعیة فی طی رفوفها من كتب جادّة وموضوعیّة وهادفة وبین مثیلاتها ضمن المكتبة الإسلامیّة الكبرى، لأدهشتنا النتیجة من تفوّق هذه المكتبة بدرجات كثیرة، وعلى أكثر من صعید.
ففضلاً عن اشتمالها على اللغة الصادقة، والجودة فی المحتوى، ورعایة الأخلاق السامیة فی التعبیر، والمتانة فی الاستدلال، فإنّها تتّسم بالعمق والموضوعیّة على نحوٍ فائق قد أثار إعجاب المحقّقین من باقی المذاهب الأخرى.؛ إذ لایخلو مؤلَّف على المستوى الشیعیّ من عمق فی التصدّی لمبحثٍ ما، وإفاضة فی الحدیث حول المسائل المتعلّقة به، بل والخوض فی كلّ ما من شأنه أن یثیر مناقشةً فی إطاره، اعتمادا على الأسلوب العلمی والتحلیلیّ القائم على الاستدلال بالأصول المعتمدة، والروایات المسندة والموثّقة، سواء كان هذا المولَّف یعدّ من المطوّلات أم من غیرها.
وهذه السمة ـ ولاشكّ ـ جدیرة بأن تحظى التقدیر من النقّاد، وتنال الحظوة من التثمین من قبل العلماء والمحقّقین.
ولیس هذا بعجیب، فإنّ أغلب كتّابنا ومصنّفینا من الفقهاء والعلماء، ما فتأوا یكتبون وینشرون من العلوم والمعارف المستمدّة من وحی الفكر الإسلامیّ القویم، والمستلهمة من تعالیم النبیّ الأكرم صلى الله علیه و آله وأهل بیته الطیّبین الطاهرین علیهم السلام منذ صدر الإسلام وحتّى وقتنا الحاضر.
وكلّ ذلك ساهم مساهمةً بالغة فی ضخّ التراث الشیعی خاصةً، والإسلامیّ عامّةً، بمواد علمیّة وفكریّة وثقافیّة من شأنها أن تثری الذهنیّة الإسلامیّة وتغنیها عن سواها.
وهذا الكتاب ـ الذی هو بین یدیك عزیزنا القارئ ـ رغم صغر حجمه یعدّ إحدى المحاولات الجادّة فی هذا الاتّجاه، ویمثّل النموذج العملیّ الذی سعى إلى أن یقدّمه آیة اللّه الحجّة السیّد مرتضى الخسروشاهی قدس سرهإلى جمیع المسلمین من غیر فرق بین كونه مخالفا أو موافقا منهم لمذهبه، مذهب أهل البیت علیهم السلام، الغرض منه البحث والمناقشة فی عدّة نقاط ارتأى أحد أعلام السنّة إثارتها، والطعن فیها بما لدیه من ملكة كتابیّة دوّنها فی كتابه.
فنهض السیّد للردّ علیها بموضوعیّة علمیّة، وبنَفَس محاید، ومناقشة ما جاء فیها من أمور یمكن أن تتّخذ ثغورا للطعن والتشویش فی قضیّة تعدّ إحدى أهمّ القضایا التی واجهت المسلمین، وهی قضیّة الغدیر بكلّ تداعیاتها وآثارها التی كادت تجرّ الأمّة إلى منعطف خطیر لولا اللطف الإلهیّ ووجود العقلاء من هذه الأمّة، وعلى رأسهم سیّدهم أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام.
وقضیّة الغدیر لم تكتسب أهمّیّتها من كونها متعلّقة بشخصیّة ومنزلة أمیر المؤمنین علیّ علیه السلام فحسب، وإنّما كونها تشكّل جانبا حیویّا من جوانب الفكر الإسلامیّ، وهو جانب الإمامة والقیادة والولایة لأُمّةٍ كانت، ومازالت تمثّل شریحة عظیمة من مجموع البشریّة التی تقطن سطح الأرض.
وعلى ضوء ذلك یتبیّن لنا السرّ الكامن وراء اندفاع السیّد المؤلّف إلى البحث والاستقصاء، والردّ والمناقشة بهذه الصورة المعمّقة من الطرح والاستدلال، وبذل ما فی وسعه لتقدیم الجواب الشافی للأسئلة التی یمكن أن تُطرح فی هذا المجال.
لقد وجد المؤلّف رحمه الله الحاجة ملحّة إلى دراسة معمّقة وعلمیّة محضة لتلك النقاط التی أثارها الفخر الرازی حول قضیّة الغدیر الشهیرة، واستقصاء مضامینها بأسلوب علمیّ وتحلیلیّ بحت من خلال استقراء الوقائع والأفكار، وما یمكن أن یدور فی خلد الطرف الآخر من أسئلة وردود، ومحاولة مناقشة ما یثیره ذلك الطرف فی هذا السبیل.
وبذلك فقد ساهم السیّد المؤلّف كأقرانه من العلماء المخلصین فی إنشاء تیار من الوعی الفكری للأجیال المتلاحقة من أجل مواصلة الدرب فی تعریف المذهب، والدفاع عنه من عبث العابثین، وفضول المتطفّلین.
وحینما یطالع القارئ هذا الكتاب یجده قد توافر على وعی وإدراك مؤلّفه، واشتماله على ثقافةٍ وفقهٍ رفیعٍ یمكن أن یعدّ من الطبات الأولى وهو ما یلمسه القارئ حینما یتابع سیرة حیاته التی أوجزها ولده الأستاذ العلامة السیّد هادی (حفظه اللّه ) فی تقدیمه لهذا الكتاب.
یضاف إلى ذلك ما اتّسم به الكتاب من براعة فی صیاغة المادّة التأریخیة فی قالب علمیّ وفقهیّ استدلالیّ ینطق روعةً، فیجذب قلوب قارئیه. وإن دلّ هذا على شیء فإنّما یدلّ على سلامة ذهنه، وقوّة طرحه، ومتانة أسلوبه وبیانه، وسعة علمه، وروعة مناقشته، قد أرسلها السیّد الحجّة الآیة، واضحة المعالم، سافرة الأركان.
إنّنا فی حاجةٍ إلى دراسة التأریخ دراسةً علمیةً وموضوعیةً دقیقة، وفی حاجةٍ أشدّ إلى دراسة مذهبنا الحقّ، مذهب أهل بیت النبوّة والطهارة فی صورةٍ أعمق ممّا وصل إلینا، لنعرف الحقّ من الباطل، بعیدا عن عملیّات الرتوش التی یقوم بها البعض، ویُراد منها تجمیل الوجوه، وتحسین صورتها أمام الناس.
وهذا البحث قبل كلّ شیء یتوخّى تقدیم منهج علمیّ لنمطٍ من المناقشات والحوارات التی قد تنعقد فی أیّ مكان من عالمنا، وفی أیّ زمان، فی أكثر مشاهد التأریخ الإسلامیّ حسّاسیّة وأهمّیّة فی حیاة المسلمین كافّة.
ولذلك فقد وجد مركزنا (مركز البحوث الإسلامیة) هذا البحث بحثا ممتعا، وذا طابع منهجیّ لایخلو من فائدة وانعكاس لخطّ التشیّع بصفة عامّة، وذلك من جهتین:
الأولى: كونه یبرز ملامح تلك المدرسة التی أسّس بنیانها أهل بیت العصمة والطهارة علیهم السلام على صعید المنهج، وطریقة الحوار والمناقشة العلمیّة مع المخالفین.
والثانیة: كونه یدور فی إطار الهدف العامّ الذی ینشده مركزنا الأغرّ، ویتمثّل فی حفظ الفكر الشیعیّ الأصیل، وحمایته من صدمات الانحراف التی یقوم بها البعض بین فترة وأخرى، وتأسیس تیار مهمّته توفیر الحمایة لهذا المذهب الأصیل، ومعالجة القضایا التی تتعلّق محاورها بالدین والتأریخ والعقیدة الشیعیّة الصحیحة.
ومن هنا نهض مركزنا بما یمتلك من إمكانیّة لتحقیق هذا الكتاب، والاهتمام بطباعته ونشره بحلّته الجدیدة التی امتازت عن السابقتین بالإخراج الحدیث الذی یتناسب ومكانته، وبما یوائم الذوق المعاصر، إضافة إلى امتیازه بالتنقیح والتوثیق بالمصادرة المعتمدة فی طیّ البحث، والفهارس الفنّیة الحدیثة، لتعین الباحث والمحقّق والقارئ الكریم إذا ما أراد الاستفادة منه فی بحثه ودراسته على هذا الصعید.
ونحن إذ نثمّن جهود العاملین الذین لم یتوانوا فی تقدیم ما هو أفضل لإخراجه بالشكل الجمیل، فإنّنا نتقدّم بالشكر الجزیل إلى سماحة الأستاذ العلامة السیّد هادی الخسروشاهی (حفظه اللّه ورعاه) نجل المؤلّف (قدّس اللّه روحه الزكیة) لتعاونه فى تحقیق ونشر هذا الأثر الخالد، وتقدیم ما بوسعه من أمور أعانتنا فی جمیع مراحل العمل، فجزاه اللّه جزاء المحسنین.
نسأل اللّه التوفیق لما هو أفضل، والعمل الدؤوب لخدمة أهل بیت النبوّة والطهارة علیهم السلام، والسیر على خُطاهم، وأن یرزقنا شفاعتهم وشفاعة أبنائهم، وبالخصوص ولدهم الصالح آیة اللّه الحجّة السید مرتضى الخسروشاهی طیب اللّه ثراه.
والحمد للّه أولاً وأخیرا.
مركز البحوث الإسلامیة، قمّ.
المقدّمة
حول المؤلّف والكتاب
إنّه أبیّووشیجة النسب بینی وبینه تمنعنی من التوسّع فی ترجمته، والإفاضة فی الإشارة بفضائله وفواضله، وبثّ ما أعرف عنه من سجایاه وخصائصه، لئلاّ یحمل ذلك على المبالغة والتسرّع فی التقییم، فأكتفی هنا بما ذكره المترجمون له أو ما لابدّ منه؛ مرجئا أداء ماله علیَّ من الحقّ إلى فرصةٍ أخرى مؤاتیة، إن شاء اللّه تعالى.
نسبه ونسبته وأُسرته
سماحة العلاّمة الكبیر آیة اللّه السیّد مرتضى بن أحمد بن محمّد بن علیّ بن أبی الحسن الحسینی الخسروشاهی[2] التبریزی. من كبار علماء الشیعة المعاصرین، ومن بیت العلم والدین، عُرف أسلافه بالتقوى وطهارة الجیب، والسعی فی الدعوة إلى اللّه ، والإرشاد إلى التعالیم الإسلامیّة المقدّسة.
كیف وهو من سلالة أهل بیت النبوّة؟! حیث ینتهی نسبه مع ستٍّ وعشرین واسطة[3] إلى الإمام الحسین بن علیّ بن أبی طالب علیه السلام.
فأبوه وأجداده كانوا من أعاظم علماء الشیعة، وكبار الفقهاء فی النجف (العراق) وتبریز (إیران) منذ ثلاثة قرون، بل أكثر كما كان یبدو من تأریخ الأُسرة الحافلة بالعلم والدین والورع والتقوى.
یقول العلاّمة الكبیر الشیخ محمد محسن، الشهیر بـ «آغا بزرگ الطهرانی» فی تأریخ حیاة والده:
... هو السید أحمد ابن السید محمد الخسروشاهی التبریزی، عالم فقیه، وورع تقیّ. كان فی النجف الأشرف یحضر بحث العلاّمة المیرزا حبیب اللّه الرشتی، وبعده حضر على العلاّمة الشیخ محمد حسن المامقانی، وكان فی غایة الورع والتقوى... حجّ البیت مرارا، وكان أوصى بدفنه عند أبیه لعلّةٍ نذكرها فی ترجمة والده، إلاّ أنّه عدل فی سفرته الأخیرة إلى الحجّ، ولمّا رجع إلى المدینة لم یكن فی نفسه شیء إلاّ الدفن فی جوار جدّته فاطمة الزهراء علیهاالسلام... وكان یذكر أُمنیّته لأصحابه، وبعد وروده المدینة بأیّام حُمَّ یوما واحدا، وتوفّی فی عشیّته، ودُفن هناك... .[4]
ویقول الأُستاذ الحاج ملاّ علیّ الخیابانی التبریزی فی كتابه فی كلام طویل حول تأریخ حیاته:
إنّه من أجلاّء العلماء، ومشاهیر الفقهاء فی تبریز فی أوائل هذا القرن... السیّد أحمد الخسروشاهی، كان هو العالم المحقّق النحریر، والفاضل المضطلع الخبیر، أُستاذ أساطین العصر، وأُستاذ فضلاء الدهر، مصباح الشریعة، حامی الدّین والملّة، قامع بدع الملحدین... ولد سنة 1266ه ق. فی النجف، وتوفّی سنة 1327ه ق. بالمدینة المنوّرة، ودُفن فی البقیع، وله مؤلّفات فی الفقه والأُصول: منها: توضیحات هامّة لرسائل الشیخ مرتضى الأنصاری برز منها: حجّیّة القطع والظنّ وتعالیق مفیدة لكتاب والده: مشكاة المصابیح فی الأُصول، و إیضاحات فقهیّة للرسالة الباقریة، قد طُبع كلّها فی هوامش الكتاب... .[5]
وجدّه السید محمد، كان معروفا بالعلم والزهد، وهو من مشاهیر تلامذة أُستاذ العلماء الشیخ مرتضى الأنصاری. ولد المغفور له فی كربلاء حدود سنة 1229ه ق، وانتقل إلى النجف مع والده العلاّمة السیّد علیّ ـ حیث كان من أجلاّء العلماء آنذاك ـ وأكمل دراسته العلیا هناك، وكان یعدّ من مراجع الدین فی النجف بعد أُستاذه الشیخ مرتضى الأنصاریّ، كما كان یحضر مجلس درسه جمّ غفیر من الطلاّب والفضلاء.
ومن آثاره العلمیّة المطبوعة كتابه القیّم مشكاة المصابیح فی الأُصول، طُبع سنة 1310ه ق، ویقع فی 364 صفحة من القطع الكبیر، و الرسالة الباقریّة فی المسائل الفقهیّة طُبعت ملحقة بكتاب المشكاة، وتقع فی 60 صفحة... ولكنّه من الأسف أنّ مؤلّفاته القیّمة الأخرى بقیت مخطوطةً، وضاعت بعد وفاته.
توفّی سنة 1312ه ق، ودفن قرب مرقد الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام، داخل الصحن الشریف، وقد نقل العلاّمة الشیخ آغا بزرگ الطهرانی لكاتب هذه السطور: أنّه قد كتب تأریخ حیاته بالتفصیل فی كتاب طبقات أعلام الشیعة ولم یطبع المجلّد الذی فیه هذه الترجمة حتى الیوم.
ویصف سیّدنا الراحل نفسه، ویعرّف والده ومكانته العلمیّة فی أواخر كتابه المشكاة فی سطور، ویقول:
هذا غایة ما قصدنا بیانه، وأنا الحقیر محمّد بن علیّ بن أبىّ الحسن الحسینیّ الحائری مولدا، والغرویّ مسكنا، التبریزی أبا، الشهیر بالخسروشاهی جدّا... وقد وقع الفراغ من تألیف هذا الكتاب الذی عنیت بجمعه وتهذیبه، وتألیفه وترصیفه... أعنی مشكاة المصابیح فی التعادل والتراجیح فی سنة 1269ه ق؛ لقرّتی عینی أحمد وأبی الحسن، وذلك بعد أن أتممت من العمر الثلاثین، ودخلت فی عشر الأربعین
ثمّ إنّ المرجوّ من أعزّ الناس علیَّ وأكرمهم لدیّ، أعنی جناب الوالد الماجد، جامع المعقول والمنقول، حاوی الفروع والأُصول، مشیِّد مبانی مسائل الحلال والحرام، ممهِّد قواعد الشرائع والأحكام، معلِّم معالم أُصول الحقائق، مفسِّر مقاصد رموز الدقائق، زبدة العلماء والمحقّقین، عمدة الفقهاء والمدقّقین، السیّد المعزّى إلیه الأعظم، السیّد علیّ الحسینیّ التبریزیّ الخسروشاهی أن یصلح ما یجد فیها من الخلل والنقصان، والخطأ والنسیان...»[6].
نشأته العلمیّة
فی هذا البیت الثری بالعلم والدین ولد الوالد المؤلّف ونشأ وترعرع، وفی هذه البیئة الصالحة تربّى تربیةً أهلته لأن یكون قبسا مضیئا لروّاد المعرفة، وعلما شامخا لطلاّب العلوم والكمالات.
ولد قدس سره فی 14 شوّال سنة 1299ه ق. فی النجف الأشرف، ونشأ فی أحضان أبوین كریمین نشأته الأُولى، فأخذ عنهما الملكات الفاضلة والأخلاق الحمیدة التی تجلّت فیما بعد فی أفعاله وأقواله، وتدرّج فی مسیرته العلمیّة الأوّلیّة بنجاحٍ وتفوّق، وظهرت علیه منذ أیام الصبا وشرخ الشباب آثار النجابة ونور العلم، فكان مبرّزا بین أقرانه بما ناله من الفضائل النفسیّة والمراتب العلمیة.
تتلمذ على أساتذة كثیرین كان لهم الأثر فی تنشئته وتربیته، فمنهم من درس علیه العلوم المقدّماتیّة، ومنهم من تعلّم عنده المعارف العالیة، وأهم هؤلاء هم:
1. العلاّمة الحجّة المیرزا أبو القاسم الجواهریّ.
2. العلاّمة الحجّة المیرزا رضا، المعروف ببالا آقا.
كما أنّه أُجیز بالاجتهاد من قبل أصحاب السماحة، الآیات العظام فی العراق وإیران، فهم:
3. الحاج میرزا محمد حسین النائینیّ.
4. الحاج الشیخ عبدالكریم الحائریّ الیزدیّ.
5. الحاج میرزا أبو الحسن الأنگجی.
صفحة من حیاته
عاد والدی المغفور له إلى تبریز بعد إكمال دراسته فی النجف، والنیل بشرف الاجتهاد، واشتغل بالتدریس والتألیف، وإلقاء المحاضرات أسبوعیّا فی مسجده الكبیر بالسوق، وكان یدافع دوما عن الحقّ والدین، ویعارض باستمرارٍ كلَّ بدعةٍ وضلالةٍ، فاعتُقِل سنة 1353ه ق. مع جملةٍ من علماء تبریز، ونُفی إلى سمنان، فسُجن هناك زمنا غیرَ قصیر، ثمّ أُطلق سراحه مع رفاقه فی الجهاد شریطة أن لایرجعوا إلى تبریز، فبقی فی منفاه «مشهد» الرضا علیه السلام مدةً طویلة.
وكافح ضدّ الحكم العسكری الشیوعی القائم فی آذربایجان، سنة 1360ه ق، فصُدر الحُكم بإعدامه مع جماعةٍ من العلماء الكبار، وقرِّر تنفیذُ الحكم فی یومٍ سمّوه «عید الدم»! ولكنّ الشیوعیّین هربوا إلى مأواهم ـ(الإتحاد السوفیاتی ـ قبل تنفیذ القرار، لثورةٍ مضادّة قام بها الشعب المسلم فی آذربایجان ضدّ البغی والطغیان.
وكان موقفه بعد هذا كلّه نفس الموقف، أی بیان الحقّ، تعلیم الطلاّب، تثقیف الشعب، والكفاح ضدّ كلِّ طاغوت... حتّى قضى نحبه.
فعاش والدی ثلاثا وسبعین سنة كانت ملیئة بالجدّ فی الطلب والبثّ والعمل، فهو لم یَدَع ساعةً واحدةً من عمره تذهب سُدىً من غیر فائدةٍ یجنیها، أو عائدةٍ علمیّةٍ یضیفها على تلامذته والمشتغلین عنده، أو عبادةٍ یمارسها فی حالاتٍ یخلو بها مع ربّه عزّ شأنه فی آناء اللیل وأوساط النهار.
إنّ حیاته حیاة مباركة اتّصل فیها اللیل بالنهار فی العمل الدائب، لایطرق إلیها الكسل والملل، وسنین مباركة كلّها خیر على نفسه، وعلى المؤمنین، وتلامذته، وأهله. ولهذه الخصائل الحمیدة نجد تلامذته وعارفیه یُكبّرونهّ ویجلّونهّ ویذكرونه بكلّ احترام وتعظیم.
فیقول العلاّمة الحاج ملاّ علیّ الخیابانی، بعد سرد تأریخ حیاته:
إنّه قام بواجبه الدینیّ فی تبریز أكثر من خمسین سنة، من تدریس وتألیف، وإقامة الجماعة فی مسجد والده الكبیر، والأمر بالمعروف والنهی عن المنكر، وأجوبة الاستفتائات. وكان من كبار العلماء، ومن أجلاّء الفقهاء، عالم تقیّ ونقیّ، فقیه بارع جامع، متصلّب فی الأمر بالمعروف والنهی عن المنكر، خشن فی ذات اللّه ، لایخاف لومة لائم، حافظ لقوانین الدین ونوامیس الشرع، واستفاد من مجلس درسه جمّ غفیر من الطلاّب طوال سنین عدیدة، وكان عدیم النظیر فی صیانة النفس والتعفّف...
ولم یخرج عن طریق الحقّ القویم ولو خطوةً واحدةً، ولم یداهن أحدا فی الحقّ، ولم یسكت فی بثّ حكمٍ من أحكام الإسلام، وكان یحارب البِدَع، ویكشف الظُلَم، ویوضّح الحقَّ والعدلَ، رافقته فی سفر الحجّ عام 1331ه ق، وكان یقیم الجماعة فی السفینة ـ عند رجوعنا من الحجّ ـ وقد تجلّى مقامه العلمیّ العظیم، وتقواه للعموم فی هذا السفر... .[7]
ویقول العلاّمة المفضال الشیخ ولی اللّه السرابیّ[8]:
كان مواظبا طول عمره بالعمل والصلاح، بل كان حلیف التقى، وكان مع كبر السنّ مشتغلاً بالتدریس، وكان تدریسه على وجهٍ یرغب فیه طلاّب العلم والفقه، ولذا انقاد الكلّ له، وانخضع أهل العلم طرّا طول عمره، وأقرّوا له بالفقه والفقاهة، وكان قدوةً وإماما، وقد استفاد من علمه جمّ غفیر من سوالف الدهر حتّى كان یحضر بیته أهل العلم كلَّ یومٍ لیستضیئوا بنور علمه، ویهتدوا فى ظلمات الجهل بشمس هدایته. ومع كبر السنّ، وكثرة الشواغل، وصروف الدهر، كان عابدا مجتهدا، مشتغلاً بإقامة عمود العلم، ویكفی للتدلیل على غزارة علمه وجلالة شأنه مصنّفاتُه الكثیرةُ، عاش سعیدا وعزیزا، وقضى نحبه وترك أولادا صلحاء[9]:
منهم: العلم الحجّة، آیة اللّه السید أبو الفضل الخسروشاهی، العالم الزاهد الذی لایزال یعمل بواجبه فی الأمر بالمعروف والنهی عن المنكر، وإرشاد الناس إلى طریق الحقّ.
ومنهم: العلم الحجّة، آیة اللّه الفقیه المحقّق الحاج السیّد أحمد الخسروشاهی، الذی أكمل دراسته فی قمّ وعاد إلى تبریز، واشتغل بالتدریس والتألیف، وإرشاد الناس، والإفتاء كوالده الماجد. واُعتقل سنة 1380ه ق؛ لمواقفه الدنییّة، وسُجن فی طهران العاصمة عدّة شهور، ثمّ بقی هناك تحت الرقابة عدّة أشهر أُخر... وكان یعدّ من أكبر فقهاء الشیعة فی هذا العصر، وله مؤلّفات قیّمة مخطوطة، منها:
1. رسالة فی حرمة التشبّه بالكفّار.
2. جواز النافلة لمن علیه الفریضة.
3. الحواشی على كتاب التبصرة للعلاّمة الحلّی.
4. المواعظ.
5. الحواشی على العروة مع الإشارة إلى المدارك.
6. الرسالة العملیّة ـ مطبوعة ـ وغیرها... .[10]
وقد توفّی رحمه الله فی شهر رجب 97ه ق، وأُعلن الحداد فی آذربایجان، وشُیِّع جثمانه من بیته على أكتاف عشرات الآلاف من الناس، ثمّ انتقل إلى المشهد الرضویّ، فدفن فی الصحن الشریف.
ومنهم: الوجیهان: السیّد محمّد الخسروشاهی، والسیّد جعفر الخسروشاهی، اللذین یعدّان من أهل الخیر والعمل، ومعروفان بالورع والتقوى فی تبریز.
ومنهم: كاتب هذه السطور، السیّد هادی الخسروشاهی[11].
آثاره العلمیة
تمتاز آثار سیّدنا المترجم بالأصالة فی البحث، والصبر على التنقیب، والتروّی فی الحكم فهو حینما یتناول موضوعا علمیا یسیر معه حتّى إشباعه بوجوه الاستدلال، وصنوف الأخذ والردّ، ولایقنع بالسطحیة فی الفكر، والتسرّع فی إعطاء النتیجة، بل یحاول سبر أغوار الموضع، وكشف ما فیه من مختلف الآراء وإثباتها أو الردّ علیها.
وإلیك فیما یلی أسماء مصنّفاته ومؤلّفاته:
1. إهداء الحقیر فی معنى حدیث الغدیر، وهو هذا الكتاب.
2. كشف الأستار فی الردّ على الوهّابیّة، طُبع.
3. الموائد فی شرح القواعد. كتاب فقهی استدلالی فی ثلاث مائة صفحة من القطع الكبیر.
4. قمع الشكوك عن لبس المشكوك.
5. ذروة السعادة فی نیّة العبادة.
6. أمطار الدرّ فی مقدار الكرّ.
7. نثارات الكواكب على خیارات المكاسب، طُبع.
8. تعلیقة على مباحث الاجتهاد والتقلید من كتاب العروة الوثقى استدلالیّة.
9. مختصر الكلام فی بحث السلام.
10. أحكام الطرق المستحدثة.
11. حاشیة العروة الوثقى، طُبع.
12. حاشیة على رسالة آیة اللّه الإصبهانیّ، طُبع.
13. المواعظ (أربع مجلّدات).
14. رسالة فی الوضوء والغسل وغیرها من الرسائل العلمیّة فی الفقه والأُصول.
هذا الكتاب
إهداء الحقیر معنى حدیث الغدیر إلى أخیه البارع البصیر كتبه المؤلّف جوابا عن إشكال أورده الشیخ محمّد صدّیق أحد علماء السنّة فی كردستان على لفظ «المولى» الوارد فی حدیث الغدیر حینما نصب النبیّ صلى الله علیه و آله علیّا علیه السلام للإمامة والخلافة بعده، فتحدّث بإسهاب عن أنّ هذا اللفظ هل یدلّ على ما یعتقده الشیعة من كونه بمعنى «الأَولى بالتصرّف» أم هو دالّ على المعانی اللغویّة الأخرى التی ذكرها اللغویّون فی معاجمهم اللغویّة غیر المعنى المذكور؟
ألّف هذا الكتاب بمناسبة قرب عید الغدیر من سنة 1352ه ق، وهو یشتمل على خمسة عشر وجها، أكثرها تدور حول ما أورده الفخر الرازیّ فی تفسیره الكبیر فی معنى اللفظ المذكور، ویستدرج فی الوجوه المعنونة إلى كثیرٍ من المباحث التفسیریّة والحدیثیّة واللغویّة والتأریخیّة وغیرها، ویحاول بجدٍّ أن لایدع مجالاً للقول بغیر ما ذهب إلیه الشیعة فی معنى «المولى».
وهو فی مسیرته الموفّقة یرجع إلى مصادر السنّة وكتبهم دون الرجوع إلى كتب الشیعة، لتكون الحجّة ألزم والحجاج أبلغ، وهذه طریقة محمودة تعطی البحث صبغة التجرّد والابتعاد عن التعصّبات غیر اللائقة، ولایقدر الخصم من الهروب من الحُجج الملزمة إیّاه؛ لأنّه ممّا یعترف هو بصحّته لدیه.
وقد ألحق المؤلّف بآخر الكتاب كرّاسةً أسماها بـ كشف الستر والأستار عن وجه زیارة الزوّار، وقدّمها هدیّةً إلى ملك الحجاز عبدالعزیز آل سعود، واستعرض فیها زیارة قبور النبیّ والأئمّة (علیه وعلیهم الصلاة والسلام)، وأثبت أنّها جائزة بل مستحبّة، ولیست كما تذهب الوهابیّة إلى حرمتها، وأنّها شرك وبدعة!!
والكتاب ـ بعد هذا كلّه ـ یمتاز بمانجد خلال سطوره من الهدوء والأصالة، وعدم التعرّض إلى ما لاینبغی الدخول فیه من الأبحاث الجانبیّة، وخلوّه ممّا یشین العلم ولایلیق بالعلماء من الألفاظ النابیة والتنابز بالألقاب، فهو عرض علمیّ خالص، یهدف الوصول إلى الحقّ ودرك الحقیقة.
وقد قالوا حول هذا الكتاب ما یشیر إلى مكانته العلمیّة الكبیرة وأهمّیّته عندهم، وفیما یلی ننقل بعض تلك الأقوال:
قال العلاّمة الكبیر الشیخ آغا بزرگ الطهرانی فی تألیفه المنیف، مانصّه: إهداء الحقیر معنى حدیث الغدیر إلى أخیه البارع البصیر الشیخ محمّد صدّیق من علماء العامّة، للسیّد مرتضى بن أحمد ابن السیّد محمد الحسینیّ الخسروشاهی التبریزی. ألّفه سنة 1352 ه ق، وطُبع فی النجف الأشرف، سنة 1353ه ق، وهو كتاب جلیل فی بابه، ممتاز بقوّة الحجّة وجودة البیان بدأ بتحقیق معنى «المولى» ونقّد كلام الفخر الرازیّ فی المقام وفی مقامات أُخر من تفسیره، وتعرّض لإثبات أولویّة طریقة الإمامیّة، ودفع بعض أوهام الوهّابیّین.
وهو من المبرّزین، ومن بیت علم رفیع، جدّه السیّد محمّد بن علیّ بن أبی الحسن من تلامیذ العلاّمة الأنصاری ومؤلّف مشكاة المصابیح فی سنة 1269ه ق، كما یأتی، ووالده السیّد أحمد أیضا كان من أجلاّء العلماء، ودفن بالبقیع سنة 1326 ق.[12]
وقال العلاّمة الشیخ عبدالحسین الأمینی[13] ـ وهو من أجلاّء تلامذة السیّد الوالد المترجم ـ فی كتابه القیّم الخالد الغدیر:
المؤلّفون فی حدیث الغدیر... بلغ اهتمام العلماء بهذا الحدیث إلى غایة غیر قریبة، فلم یقنعهم إخراجه بأسانید مبثوثة خلال الكتب حتّى أفرده جماعة بالتألیف، فدوّنوا ماانتهى إلیهم من أسانیده، وضبطوا ما صحّ لدیهم من طریقة كلّ ذلك على كلأة متنه من الدثور، وعن تطرّق ید التحریف إلیه... فمنهم: السیّد مرتضى الخسروشاهیّ التبریزیّ، أفرد كتابه فی دلالة الحدیث، وأسماه: إهداء الحقیر فی معنى حدیث الغدیر، طُبع فی العراق، أغرق نزعا فی التحقیق، ولم یبق فی القوس منزلاً... .[14]
وقال العلاّمة الشیخ محمّد علیّ الأردوبادیّ، من كبار علماء النجف، مشیرا إلى الكتاب واسم المؤلّف بما یلی:
كتاب إذ أتى (لاریب فیههدى للمتّقین) غدا مجیدا
فقل (علاّمة) العلماء هذا الإمام (المرتضى) وافى (مفیدا)[15]
إلى الخلود
وأخیرا. جرت سنّة اللّه تعالى فی السیّد الوالد الراحل، وانتقل إلى دار الخلود بنفسٍ مطمئنّةٍ راضیةٍ بما عند ربّها، متلقّیة إیّاه ملائكة الرحمة والرضوان تبشّر بما أعدّ اللّه له من الدرجات الرفیعة والمقام المحمود. توفّی ـ أُمطرت تربته الزكیّة بشآبیب الرحمة ـ فی اللیلة السادسة من شهر رجب سنة 1372ه ق. وشُیِّع جثمانه الشریف بتشییع حافل، حضره كبار العلماء ووجوه البلد وعامّة الناس، ثمّ انتقل إلى النجف حیث مولده ومدفن جدّه، فدُفن هناك، رحمة اللّه علیه رحمة واسعة.
شكر وثناء
ممّا لایزال عالقا به ضمیری منذ مدّةٍ طویلةٍ ـ وأنا تلمیذ فی المدرسة الحجّتیّة بقم ـ نشر هذا الكتاب وجعله بین یدی الإخوة الأعزّاء حیث نفدت نسخه منذ الطبعة الأُولى وحتّى الیوم مع كثرة رغبة العلماء باقتنائه، فأحمد اللّه على أن وفّقنی لنشره منقّحا ومزیدا بمقدّمةٍ[16] وتعلیقات، وأرى من واجبی تقدیم الشكر والثناء إلى الإخوة الذین عاضدونی فی إصدار هذا الكتاب القیّم، فلهم الأجر والثواب عند ربهم فی یوم الحساب، ونرجو اللّه تبارك وتعالى أن یوفّقنا لما فیه رضاه، إنّه سمیع مجیب.
السیّد هادی الخسروشاهیّ
[1]. سبأ: 24ـ 26.
[2]. خُسْرَوْشْاه: بلدة تقع قرب مدینة تبریز، عاصمة آذربایجان بإیران.
[3]. انظر: آثار الحجّة، ص2، 233.
[4]. طبقات أعلام الشیعة، ج1، ص119.
[5]. علماء معاصرین، ص 353 ـ 354 طبع.
[6]. مشكاة المصابیح، ص361 ـ 362.
[7]. علماء معاصرین، ص251 ـ 253.
[8]. من علماء تبریز، ومن مشاهیر تلامذته السیّد الوالد، وله مؤلّفات كثیرة فی شتّى المجالات: القرآنیّة والفقهیّة والأُصولیّة. راجع كتاب آثار الحجّة، ج2، ص236 ـ 237 تجد فیه تأریخ حیاته، وأسماء مؤلّفاته، المخطوطة منها والمطبوعة.
[9]. المصدرت ص 232 ـ 233.
[10]. المصدر، ص333.
[11]. جاء فی كتاب گنجینه دانشمندان، ج2، ص357 وما بعده، ج3، ص309 ط ـ طهران ـ للعلاّمة الشیخ محمد الرازی الخاصّ بتراجم العلماء والرجال المعاصرین حول ترجمة الأُستاذ حجّة الإسلام والمسلمین السیّد هادی الخسروشاهی ونشاطاته فی شتّى المجالات مالفظه بعد تعریبه: «الأُستاذ العلاّمة حجّة الإسلام الحاج السیّد هادی الخسروشاهی، وهو عالم كامل، وأُستاذ كاتب، له مقام خاصّ فی العلم والأدب. ولد فی تبریز وانتقل إلى قم بعد وفاة والده وهو صغیر السنّ، وقد فاق على أقرانه وأترابه بما آتاه اللّه تعالى من الاستعداد الذاتی الموروث من آبائه الكرام بسرعة هائلة، ثم أنهى دراساته العلیا فی الفقه والأُصول والتفسیر والفلسفة عند علماء كبار، وآیات عظام، منهم: البروجردی، والشریعتمداری، والخمینی، والطباطبائی وغیرهم، وارتقى المدارج العالیة، ونال بإجازات خاصّة عن المراجع الدینیة فی النجف، وقم، ومشهد، منهم: الشیخ آغا بزرگ الطهرانی، والسیّد أبو القاسم الخوئی، والسیّد أحمد الزنجانی، والسیّد كاظم الشریعتمداری، والسیّد محمد صادق الروحانی، والشیخ مرتضى الحائری، والسیّد محمد هادی المیلانی، وغیرهم.
ولمواقفه الإسلامیة الصلبة اُعتقل عدّة مرّات؛ كوالده وأخیه فی قم وتبریز وطهران... وله مؤلّفات قیّمة باللغتین العربیة والفارسیة تبلغ زهاء أربعین مجلّدا وقد طُبع بعضها أكثر من عشرین مرّة... واشترك فی مؤتمرات إسلامیة كثیرة فی البلاد الإسلامیة والأوربیة، كالعربیة السعودیة، والجزائر، وانگلترا، وألمانیا، وغیرها، ممثّلاً الحوزة العلمیة، كما استلم دعوات من جمعیات إسلامیة فی الهند، ولیبیا، والیابان، وإمریكا، والاتّحاد السوفیاتی للاشتراك فی مؤتمراتهم.
هذا وقام الأُستاذ بتأسیس مركز البحوث الإسلامیة، ویشرف على إدارتها ونشاطاتها من إصدار الكتب الإسلامیّة باللغات العالمیة المختلفة، والإشراف على لجان متعدّدة تشتغل بالدراسات الإسلامیّة فی شتّى المجالات.
[12]. الذریعة إلى تصانیف الشیعة، ج2، ص482.
[13]. كتب الشیخ محم،د خلیل الزین العاملى،¨ فی ترجمة العلاّمة الشیخ عبدالحسین الأمینی: «... ولد فی تبریز سنة 1320ه ق، ونشأ وتربّى تحت رعایة والده العلاّمة، وفی مدارس تبریز تعلّم ما یحتاجه من المبادئ الأوّلیّة، وكان من صغره یظهر نبوغا واستعدادا... ثم تخرّج على الأعلام الحجج الثلاث: الحاج السیّد محمد الشهیر بـ «مولانا» مؤلّف مصباح السالكین المطبوع فی تبریز، والحاج السیّد مرتضى الخسروشاهیّ صاحب كتاب معنى حدیث الغدیر، المطبوع فی النجف، والشیخ حسین مؤلّف هدایة الأنام» المطبوعة، فنال من العلم نصیبا أوفى...» راجع: شهداء الفضیلة طبع النجف، مطبعة الغرّی عام 1355 ه ق، مقدّمة الشیخ الزین العاملیّ.
ویقول العلاّمة الشیخ رضا عبدالحسین الأمینی فی مقدّمة كتاب والده: أنهى سطوح الفقه والأُصول على عدد من أجلّة علماء تبریز أمثال آیة اللّه السیّد مرتضى الخسروشاهیّ من أساطین العلم وجهابذة الفقه وكبار علماء تبریز... له آثار علمیّة ومآثر فكریّة تنمّ على طول باعه وسعة اطّلاعه». الغدیر، ص56 الطبعة الرابعة.
[14]. المصدر، ج1، ص 157.
[15]. ورد البیتان فی آخر كتاب معنى حدیث الغدیر الطبعة الأولى، حیث أشرف العلاّمة الأردوبادی فی النجف على طبعه ونشره سنة 1353ه ق.
[16]. والمقدّمة لسماحة الإمام السیّد موسى الصدر المعظَّم... والإمام موسى الصدر من عائلةٍ لبنانیّةٍ من قریة «معركة» قضاء صور، وأبوه كان من المراجع الكبار للشیعة، وكان یسكن فی قم بطبیعة عمله. والإمام موسى الصدر قد أكمل دراساته الإسلامیّة فی قم والنجف ـ العراق ـ وأنهى دراساته الجامعیّة فی جامعة طهران، وعاد إلى جنوب لبنان واستقرّ فی مدینة صور، ثّم انتقل إلى بیروت وأسّس المجلس الإسلامیّ الشیعی الأعلى . ویعدّ الزعیم الدینی والاجتماعی الوحید للشیعة فی لبنان وسوریا، وله مواقف حاسمة ضدّ الرجعیّة وأعداء الثورة الفلسطینیّة، ویدافع بكلّ إمكانیّاته عن المستضعفین فی الأرض، ویعتبره الركن الأصیل والحجر الأوّل بین واجبات العالم الدینی الیوم... أیّده اللّه بتوفیقه ونصره وظلّت مواقفه ثابتة، قد سجّلها له التأریخ بفخر واعتزاز، مداوما علیها، حتّى نالت منه أیادی الغدر اللیبیّ والخیانة، واقتادته عناصر الإجرام القذّافی إلى مصیر مجهول، ومازال محبّوه وأنصاره یتطلّعون إلى الیوم الذی تظهر فیه الحقیقة ناصعة، وینال الظالمون جزاءهم، وتنكشف الغمة عن هذه الأمّة،
آمین.